في مشهد دولي تاريخي، وقّع الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، إلى جانب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وثيقة شاملة لإنهاء الحرب في غزة، خلال قمة شرم الشيخ للسلام التي انطلقت بحضور واسع من القادة والمنظمات الإقليمية والدولية.
ويفتح هذا الاتفاق الباب أمام مرحلة إعادة إعمار قطاع غزة، التي تمثل فرصة استثمارية واستراتيجية استثنائية للاقتصاد المصري، في ظل ما تمتلكه الشركات المصرية من خبرات فنية وقدرات تنفيذية تؤهلها لقيادة مشاريع البنية التحتية والإسكان والطاقة في القطاع.

ومع تقديرات دولية تشير إلى أن تكلفة الإعمار قد تتجاوز 50 مليار دولار، تتجه الأنظار نحو مصر باعتبارها الشريك الأقرب جغرافيًا والأكثر جاهزية لوجستيًا، في وقت تسعى فيه الدولة لتعزيز دور شركاتها في الأسواق الإقليمية وتوسيع قاعدة الصادرات الصناعية ذات القيمة المضافة.
وتأتي هذه التطورات في ظل انتعاش صادرات مواد البناء المصرية وارتفاع الطلب الإقليمي على الأسمنت والحديد والألومنيوم، ما يجعل من عملية إعمار غزة محركًا جديدًا للنمو الصناعي والتشغيل داخل السوق المحلية، وفرصة حقيقية لتوسيع النفوذ الاقتصادي المصري في المنطقة وتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للبناء والتعمير.
جاهزية مصرية واستعداد مبكر لـ إعادة إعمار غزة
أكد محمد البهي، رئيس لجنة التعاون العربية باتحاد الصناعات المصرية، أن مصر تمتلك خبرات فنية واسعة تؤهلها للعب دور محوري في عملية الإعمار، مشيراً إلى أن الشركات المصرية كانت دائمًا في طليعة الدول المشاركة في إعادة إعمار غزة عقب الحروب السابقة.

وأوضح أن غرفة التطوير العقاري، تضم أكثر من 17 ألف شركة مؤهلة للمشاركة في أي خطة إقليمية لإعادة الإعمار، مشدداً على أهمية التخطيط المسبق والتنسيق المؤسسي لتجنب أي تأخير في دخول الأسواق الخارجية.
تحالفات واستعدادات استثمارية
بدأت شركات مواد البناء والتطوير العقاري المصرية، بالفعل في إعداد مقترحات للمرحلة الأولى من مشروعات الإعمار، والتي تشمل البنية التحتية والإسكان، في حين تتجه الكيانات الاستثمارية إلى تشكيل تحالفات تضم مطورين ومصنّعين لتسريع التنفيذ فور فتح المعابر وبدء العمل الميداني.
تكلفة ضخمة وخطة طويلة الأجل
ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، تضرر نحو 83% من مباني مدينة غزة، منها أكثر من 17,700 مبنى دُمر بالكامل، بينما تُقدر تكلفة إعادة الإعمار بنحو 50 مليار دولار، وقد تمتد عملية التنفيذ إلى عشر سنوات، بحسب مؤسسات دولية وخبراء اقتصاديين.

نمو الصادرات المصرية يدعم القدرة على الإعمار
شهدت صادرات مواد البناء المصرية ارتفاعًا قويًا بنسبة 57.8% خلال النصف الأول من العام الجاري لتصل إلى 7.4 مليار دولار مقابل 4.7 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يعزز قدرة الشركات المحلية على تلبية الطلب الإقليمي المتوقع.
شركات مصرية في موقع المستفيد الأول
يرى آدم خليل، محلل قطاع مواد البناء بشركة الأهلي فاروس للأوراق المالية، أن شركات الأسمنت المصرية ستكون من أبرز المستفيدين من مشاريع الإعمار، خاصة شركة أسمنت سيناء لقربها الجغرافي من القطاع.
كما أشار إلى أن شركات مثل ليسيكو ومصر للألومنيوم ستستفيد أيضًا من الطفرة في الطلب على مواد البناء.
وأوضح خليل أن نظام الحصص المطبق في سوق الأسمنت المصري دفع الشركات إلى زيادة التصدير لتوفير السيولة الدولارية، في وقت يشهد فيه السوق ارتفاعاً في الأسعار مدفوعاً بالطلب المحلي والخارجي المتزايد.
تقرير فاروس يقترح حوافز لزيادة إنتاج الأسمنت ودعم صادرات إعمار غزة

أكد تقرير صادر عن شركة الأهلي فاروس للأوراق المالية، أن أسعار الأسمنت لا تزال مرتفعة عند نحو 81 دولارًا للطن رغم إلغاء حصة الإنتاج، وأن نسبة استخدام الطاقة الإنتاجية ارتفعت إلى 82% مقارنة بـ66% قبل عام.
واقترح التقرير أن يقدم وزير الصناعة حوافز إضافية لزيادة الإنتاج عبر تحديث تراخيص الشركات التي يمكنها تشغيل طاقات أعلى من المرخص بها، مما يسمح بزيادة العرض محليًا ودعم التصدير الخارجي في الوقت نفسه.

