شهدت قناة السويس تعافيًا ملحوظًا في حركة الملاحة منذ بداية يوليو الماضي، في مؤشر واضح على استعادة الممر الملاحي المصري مكانته كمحور رئيسي للتجارة البحرية العالمية، بعد فترة من التباطؤ نتيجة التطورات الجيوسياسية في البحر الأحمر.
وكشفت بيانات هيئة قناة السويس عن عبور 5874 سفينة بحمولات صافية بلغت 247.2 مليون طن، محققة 1.97 مليار دولار إيرادات خلال الفترة محل القياس، مقارنة بـ 5584 سفينة وإيرادات 1.677 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي.
وتعكس هذه الزيادات تحسنًا في معدلات العبور بنسبة 5.2%، وارتفاعًا في الحمولات بنسبة 14.4%، وقفزة في الإيرادات بلغت 17.5%، وهو ما يؤكد انتعاش النشاط التجاري عبر القناة وتعافي الثقة الدولية في قدرتها التشغيلية.
وأكد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن المؤشرات الحالية تعزز توقعات تحقيق نمو مستمر في إيرادات القناة خلال السنوات المقبلة، مشيرًا إلى أن الإيرادات مرشحة للوصول إلى 8 مليارات دولار في العام المالي 2025-2026، وتجاوز 10 مليارات دولار بحلول 2027-2028.
وأوضح أن هذا النمو سيعتمد على توسيع منظومة الخدمات اللوجستية، وتنويع أنشطة الدخل، وتطوير البنية البحرية للقناة بما يعزز دورها كمصدر رئيسي للنقد الأجنبي، خاصة بعد تحقيق إيرادات إجمالية بلغت 40 مليار دولار بين عامي 2019 و2024.
وتعمل هيئة قناة السويس على تعزيز قدراتها التنافسية من خلال إضافة خدمات بحرية جديدة، تشمل الصيانة والإصلاح، وتبديل أطقم السفن، وإزالة المخلفات البحرية، ومكافحة التلوث، بما يدعم تحول القناة إلى مركز لوجستي عالمي متكامل، وليس مجرد ممر لعبور السفن.
وفي خطوة تعكس عودة الثقة الدولية، أعلنت شركة الشحن الألمانية هاباج لويد إعادة أسطولها تدريجيًا للمرور عبر قناة السويس، بعد أكثر من عام على تحويل مساراتها بعيدًا عن الممر الملاحي المصري بسبب التوترات الأمنية في البحر الأحمر.
وأوضح الرئيس التنفيذي للشركة أن العودة ستتم على مراحل تمتد من 60 إلى 90 يومًا لضمان انسيابية التشغيل وعدم حدوث تكدسات، مع إعادة ترتيب خطوط الشحن لتأمين عبور منتظم وآمن للسفن.
وكانت خطوط الملاحة العالمية قد لجأت إلى تغيير مساراتها منذ نوفمبر 2023 عقب الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، وهو ما تسبب في ارتفاع تكاليف الشحن عالميًا. إلا أن توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة خلال أكتوبر الماضي أسهم في خفض مستوى المخاطر، مما فتح الباب أمام عودة تدريجية لعدد من الخطوط الملاحية إلى القناة.
وتشير التوقعات إلى أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدًا من التعافي في حركة التجارة عبر قناة السويس، مع استمرار تحسّن البيئة الأمنية واللوجستية، وتعزيز مكانة الممر المصري كأحد أهم شرايين التجارة العالمية.

